لن يكون هذا الخريف رومانسيًّا…
لن يكون هذا الخريف رومانسيًّا كعادته،
لن أخرج لأراقب أوراقه التي تخلّت عنها الطبيعة
في لحظة من لحظاتها الحزينة…
لن أسمح لنفسي أن تكتئب و تتحسّر و تتمايل مع
أوراق الشجر المهتزّة على غفلة من الحياة…
هذا الخريف لا يشبهني مع أنّنا كنّا توأمين…
لم يبلّل عينيّ بقطراته المتهادية في مرآة نفسي،
لن أحصي أوراقه التي كانت تغريني أمام عتبة
الدار،
لن ألاحقها و لن أبكي مادام أنّي بكيت مرارًا في
لحظات سابقة، قريبة و بعيدة…
لن يكون خريفي رومانسيًّا لأتفقّد غيومًا قذفتها
السماء و أربكت الأفق، أو أُسرع لالتقاط حفنة ضوء
دحرجتها نجمة…
فأنا لم أبتعد عنه صدفة…
ما من ورقة من أوراقه إلاّ و عليها دمغة من
أشعاري…
ما من سنبلة قمح و جدتها إلاّ وحمّلتها نشيج
كلماتي…
لن يكون خريفي رومانسيًّا، لكنّي سأنظر إليه
خلسة من الشرفات العالية،
و أصغي إلى حفيف اللّحظات التي عبرت
و تركت نسماتها الباردة في أعماقي،
لن يكون خريفي رومانسيًّا، لكنّي مازلت حتى
اللحظة أمرّغ قصيدتي بشهواته…