يوسف عيد
ما بالُ أيلولٍ ، لم يَعُدْ أيلولا؟
ما بالُ البشرِ ، لم يعودوا بَشَرا؟
كأنَّ هذا الترابَ أنكرَ أصلَه ، كأنَّه عصرُ المسيحِ الدَجّالِ . والدَجَّالُ وحدَه يتجسَّدُ في كلّ مكان، يتكلم جميعَ اللّغات، يدافع عن كلّ مُراوغَةٍ ، يَخونُ كلَّ قضيةٍ ، يَغدُرُ بكلّ شيء . لم نَعُد نستحقّ أيلولاً، ولا العظماء. لم نَعُد نستحقّ غيرَ الدجّالينَ والتافهينَ والمجرمينَ والأقزامَ الّذين يحكمون بالجهالة والأوهام
هل نرجو المستحيل ؟ إذا تطلّعنا الى عظمائِنا الّذين ملأوا خيالنا ونحن أطفال ، نريدهم أن يعودوا من وراء الضباب يملأوا وجودَنا البائسَ المنهار
من حقّ أيلول أن يتبرّأ من أيلولنا الفاسد. من حقّ أيلول ألّا يكون مبلولا ، فاليباس في الرؤوس والنفوس وعلينا تبديل تُربتِنا ليعود أيلولُ إلينا. سرقوا حُزنَ أيلولٍ منه، وطعمه ولونه وشجنَه . تَركَنا أيلولٌ لأنّه عَرَف أن تمّوزَ قد أنكرَه وأنكرَنا ،فَغرِقنا في وُحُول فسادهم . هَرَبَ تمّوزُ من ينابيعنا واصفرّت صخورُنا ،وانتَحبَت عشتروتُنا لأن الربيعَ لن يأتيَ،فلصوصُ الهيكلِ بانتظاره
لَسنا جديرينَ بِحُبّ أيلول، والتغنّي بموسيقاه الإنسانية . لا نزال ،في كلّ يوم، نستيقظ على أملِ قيامةٍ، على أملِ استرجاعِ نكهاتِ أيلول ، فرح الأحزان، المُحْيي من الأموات . صابرون، معذّبون، مقاومون ، مقهورون
نتطلّع الى المستحيل لأنّه وحدَه في حجم اليأس
