الشاعرة لوركا سبيتي
المرأة القوية ليست تلك التي يحبها زوجها ويرضى عنها وهي لم تزل تبذل كل جهودها لتسمع هذا الرضى فيشقيها الركض وتهلك …او تلك التي تحاول طيلة الوقت تقبل وتفهم وتحليل و تبرير ومحاولة تغيير سلوك شريكها فتتحول بذلك الى طبيبة نفسية او مرشدة اجتماعية او كوتش لمساعدته على حل عقده مع أمه وتمسك بيده لعبور حياة لم تعشها هي اصلا… وليست تلك التي تتحمل حياة بائسة من اجل أطفالها فتهدئ نفسها بحبوب اعصاب او فنجان قهوة او بجملة “هذا نصيبي” او “الي بتعرفه احسن من الي بتتعرف عليه”او “ما بقى من العمر اكتر مما مضى” او “الرجال رحمة لو كان فحمة” و كل هذه الأفكار البالية التي سكبت فيها… والقوية ليست تلك التي هاجسها الأوحد ان تربي اولادا صالحين فلو تبين أن أحدهم طالحا تلقي اللوم على نفسها وتعمّق حفرة الذنب فيها حتى تصير هي بذاتها حفرة فارغة
القوية هي التي عرفت قدر نفسها فرفعتها إلى الأعلى ، رأت ضوء ذاتها ففتحت الشبابيك..اكتشفت مكامن جمالها فأظهرتها، ضعفها فعانقته، غضبها فهدأته،خوفها فواجهته وتحدته وصارت خوفه.. عرفت ماذا تريد وكيف تريد ما تريد وسلكت الطريق بثبات نحوه لا يعيقها شوك أو توقفها حفر ، هي اللينة التي ملكت أفكارها وخيالها وقلبها وجسدها…المرأة القوية هي تلك الناجية ولو اقامت وسط الرياح…والمشعة ولو في الجب…هي الحرّة التي تقول ما لها وما عليها، هي الطيبة لا الخبيثة، التلقائية لا المتصنعة التي تصدح لا الصامتة وهي جالسة على بركان..القوية هي شعوب من النساء هي رجل حنون هي آلة تصنع الحب
والشاعرة لا تتزوج..عليها الا تفعل ذلك..لأنه لا يمكنها ان تكتب كل ما يجب أن تكتبه وان تراعي بالوقت ذاته شريكا يعتقد بأنها ملكه ولسانها لسانه واسمها تابع لإسمه وبوحها يدنس كرامته وفستانها الشفاف يعري جسده وبأنها تعيش في حضن خيالها لا في حضنه وبأنها تهرب من واقعها الى واقع مشتهى..وبأنها حين تشرد ليست في ال هنا، وحين تغمض عينيها تكون في الهناك، وقصيدتها أقرب اليها منه، وكلمات قصيدتها ضده وان كانت غزلا فلآخر غيره، وان كانت ايروتيكية فسببها رغبات خارجة عن إطار السرير الزوجي، وهذا كله تزيد صعوبته فيما لو كان الزوج محللا نفسيا او مرشدا روحيا او واعظا اجتماعيا اعتقد فجأة بأنه وجد مفتاح الحقيقة ، بالرغم من انها وانه ما زالا سرابا كدائما
الشاعرة لا تتزوج ،عليها الا تفعل ذلك، لأنها ستصير كائنا غريبا عنها..كل صباح تلبس قناعها وتحمل بيدي زوجها ازميله وتبدأ بالنحت..تشذّب يديها وتقلص نظرة عينيها وتسوي احلامها وتخدر خطواتها على قياس المتوقع منها وتقنع اوهامها بأن كل شيء على ما يرام..ستصير بعد حين امرأة اخرى ليست هي ولا تشبهها بشيء وهي تعلم ذلك ..كل يوم تتفحص مرآتها ،ملامحها تمشي على صفحة وجهها..لا تستقر على شكل عناقاتها لم تعد تطال الأشياء قصرت يداها..الأشياء تهرب من امامها خائفة كأنها كائن متحول غريب.. الشاعرة يجب الا تتزوج وان فعلت فلتصحح فعلتها هذه بسرعة كما تصحح غلطا لغويا في نص كتبته سريعا..فالقيد ليس لكفيها الحرتين، الرسن لا يليق بعنقها الفتّان والكذب ليس لمن تلاعب الهواء بكلماتها وتنبع من ابريقها الغيوم ..و”اللازم واليجب وعليك ان” ليسوا لمن فتحت ميتما للأفكار التائهة والأخيلة المتروكة والحب المشتاق ليد تلمس قماشاته فتمتلأ كل الجيوب بالشجر
- بيكاسو الرسام العالمي
- “معزوفة اليوم السابع” جديد جلال برجس
- يا ألمى! مريم الاحمد
- على المشرحة 76 – حكاية أديب ناقد وفيلسوف نهضوي مارد
- سر التميّز الإسكندنافي
تعليقات 2