إخلاص فرنسيس
ماذا لو كنت أنت هنا تكتب هذه الكلمات عني؟
تكتبني في قصيدة، أو ترسمني في صورة ما غير صور الحَجْر القسرية، وتغيب بين صفحات الغيم. ماذا لو كنت هنا جملة تغضبك أكثر ممّا سبقها
لكن يبقى للرّيح هبوبها، وللحنين وجعه، وللغياب خنجره الصدئ الذي يمعن في التنكيل بالروح التي باتت قاب قوسين من أن يلفظها هذا الجسد الذي يقتات على أنفاسك، ويعيش على نزف الأحلام من أطراف الأنامل
ماذا لو كنت هنا الآن، وأصابعك تداعب بشغف خصلات شعري، تقطف نجمة الفجر، وتزرعها هناك، وتسقيها من ندى أنفاسك
ماذا لو كنت هنا تقلّم الشتول على كتفيّ، وتجمع شتات الشفة على الشفة
ماذا لو كنّا هناك؟ أنا في غربة هذا الليل نفترشه، نتأمّل النجوم، ونزيّن الحياة بكلمات من الصور الإنسانيّة، تحاكي كيان الإنسان الداخليّ، ليهتدي إلى ذلك الرباط الذي يربط الحبيب بمحبوبته، كما الوليد بأمّه، كما البحر بالموج، وكما الأرض بالفصول؟ ماذا لو كسرت وحدتي هذا العام، ونثرت على جسدي المثقل بالغياب غبار الحياة، ونزعت بيد العشق ظمأه؟
ليتني أستطيع أن أغير هذا التاريخ، وأمضي دون أن أستشعره، لكن الأرقام بلغت بي مبلغ اللاعودة ، أحدّق بها في يقظتي، وتهاجمني أحلامي
في خضمّ هذا الكون الفسيح يقفز من بين أصابعه هذا جدول أضلّ طريقه، وتدفّق نحو البرية، انساب في تعرّجات الوحدة والسكينة
ترفع الغابة صوتها بالغناء، فتجتمع على صدى حريرها المخلوقات، تروي عطشها من ظلال النايات على صفحة الماء
مضى وحيداً في سيره نحو المطر، حيث موطن الذكريات وسرائر الوجود
افتح قميصك أيها الكون، فرائحته تأتي، تأخذني إليه
ماذا لو كسرنا عبثية الأقدار، ورحلنا إلى منفى الرسائل حيث الموت في هدنة، إلى أن تؤذّن الرّيح في أذن الأبجديّة
نفحات مرصّعة بأنين الناي، تشهد التجلّي الحرّ للحياة
من وحي عيد ميلادي وكورونا
اليوم ٢١ أيار ٢٠٢٠