1- سحابة صيف عابرة
أم غيومٌ لشتاء طويل؟
2 – قابعٌ وسط غرفة الجلوس، في حمى مكيّف الهواء..ومن خلف زجاج النافذة، السماء ضبابٌ، والشجر يتمايل على صفير الريح الصحراوية، والعصافير ترفرف بأجنحتها، لتطفىء من حرها قليلاً، بينما تئن في أصواتها فاتحة مناقيرها لظمأ حزين، وانا أرتجف لهذا المشهد من البرد.
3 – يظن الغريب للوهلة الأولى أن الرطوبة، ربما يفتتها نسيم القمم.. هكذا يمضي المسافر على الطريق الطويل، ويلمح على جنباته، كيف تزحف كثبان الرمال، وتنتصب أمام الأشجار المتناثرة على مدى السراب.
الأشجارُ في الخارج تتلوّى، وليس من يقيسُ حرارتها.. كان لا بد لهذه الصحراء من شجر يحصي أنفاس الطبيعة، ويتحمل السير على الرمال الساخنة وبين الكثبان.
مسافة من الرمل، تغلي على حرارة آب التي لا تبخّر الرطوبة، بل تغسل بها الأجساد اللاهثة والمقطوعة الأنفاس، بانتظار شتاء آخر.
4 – أشاهد نخلةً تستظلّ فيء شجرة الغاف..
متى كانت أشجار النخيل تلجأ إلى غيرها في أيام القيظ؟!
النخلةُ لا تشبهُنا أبداً..
صبورةٌ، تكظمُ غيظَها من هولِ الصحراء
خضراء دائماً، رغم أنفِ الرملِ والماء القليل.
5 – “مترو دبي”:
الأبواب تغلق..المحطة التالية:شجرة تئن من الحرّ والرطوبة.
الدقيقة الأصعب لبلوغ القطار الأخير، تقطع الأنفاس..تكاد تشبه محاولة النجاة!
6 – الخامسة فجراً:
أشهد مهرجان العصافير، وهي تشدو، بينما ترافقها “زرازير” الأشجار مثل جوقة مشاغبة.
البلابل وأصدقاؤها تحت شرفتي لا تنام..
أغلب الظن أن حر الصيف ورطوبته، لا يتيحان لها إغفاءة قليلة، لذا لا تكف عن عزف ألحانها.. ولا مواقيت لحفلاتها، إذ أنها تبكي وتضحك ليلاً ونهاراً..
أنظر إلى زجاج النوافذ، وقد تحوّل سحباً من رطوبة عالية.. وللمرة الأولى منذ أيام، العصافير توقفت عن النواح، بعد أن تعبت مناقيرها المفتوحة طوال النهار.
7 – قبل أن يرحل الظلام،
رأيت أطفالاً يلعبون في حديقة،
وفرساً بيضاء تسابق الريح والشجر،
و لم أرَ نفسي.
ووسط هدوء عظيم في المكان،
راح طفل الجيران يزقزق بأصوات غير مفهومة..
تخيلته عصفوراً على شرفتي التي هجرتها الطيور