
أديب كرّيم
ما إن أبسطَ الورقةَ البيضاءَ أمامي، وأحملَ القلمَ بيدي، حتّى يخرجَ حشدٌ من الناسِ من داخلي، منتصبًا بيني وبين الورقة؛ أبي وأمي وشقيقي، وأصدقاء وصديقات طفولتي، وزملائي وزميلاتي، وأساتذتي ومعلّماتي، فضلًا عن ذكرياتي في أفراحي وأتراحي، ووجوه أخرى غائمة الملامح، وأحداث وهواجس مبهمة، وتخيّلات غريبة. وأتساءلُ وأنا في ذروةِ حَيرتي: أين أنا من كلِّ هذا؟ ومن الذي يفكّرُ ويكتبُ: أنا أم هؤلاء؟
وكم من المشاعرِ والعقولِ والأوجاعِ تشاركني، أو بالأحرى تعملُ على إقصاءِ كينونتي؟
وكم من الأيادي تقاسمني هذا القلم، وتستغلُّ حبرَهُ طمعًا في مدحٍ أو ثناءٍ أو رثاء؟

أين أنا وأين حرّيتي المزعومة؟
أنا لا أريدُ أكثرَ من ذاتي، حتّى لو كانت بلا معنى، بلا هُوّية، بلا انتماء
لقد تعبَتْ روحي وهي تدقّقُ في كلّ فكرةٍ تبرقُ في رأسي، وتعبَت وهي تفكّكُ كلَّ عاطفةٍ تزهرُ في داخلي، وتعبَت وهي تحاولُ إبعادَ الأناملِ التي تشاركني الإمساكَ بقلمي، وتعبَت من الدموعِ التي يذرفُها الآخرون من عيني، والضحكاتِ التي يطلقونها من صدري، وتعبَت من بيئةٍ غرست بذورَها في ثنايا كياني وتركتني في مهبّ الريح، ريح الضياع والتيهان
إنّه لشيءٌ مؤلمٌ، يا سيّدتي، أن يظلَّ هذا السؤالُ يلازمني: أين الحقيقةُ وأين الوهمُ في حياتِنا وسط هذا الركام الهائل من الغوامض؟
ماديانا_كآبةٌ_في_عقلي
دار_النهضة_العربيّة
غرفة 19
- في تأملات الذات الصامتة/ من يوميات حسناء لحكيم
- قصيده /٣/ حركات ل روح الكبير طليع حمدان/ الشاعر جرمانوس جرمانوس
- الهيوكا، الذكاء التعاطفي في مواجهة النرجسية المعاصرة
- من بيروت و طرابلس الى سواكن وبورتسودان/(حين تتحدث التجارة بلغة السلام و التاريخ والحضارة)
- غرفة 19 تقدم العمارة والماسونية مع د. علي الدباغ
- لا شيء أسود بالكامل: حين تستعيد اللغة إنسانيتها وتنتصر الرواية القصيرة لجوهر الضوء





