من ديوان “ظلال لا تشبهني”
لأنَّ الرُّوح لا تُحتَوى،
بل تُعاش، تُستَنشَقْ،
كأنَّك تَمشِي وسط الغيمِ،
تَبتَلُّ ولا تَدرِي أَأَنتَ الذي أمسَك الماءَ
أمْ الماء الذي احتوَاكَ
قالَ ذاتَ فجرٍ بفَخْرٍ:
أُصَلِّي، ولاَ أَدْرِي: أهي ظُهرٌ؟
أمْ صَلاَةُ العَاشقِ الوَلْهَانِ؟
رَكعَاتِي حَيرَةٌ، وسُجُودِي نَارٌ
تَمْتَدُّ مِنْ قَلبِي إلى الأَكْوَانِ
تَكبِيرةُ الإحرَامِ لاَ تَكْفِينِي
إنْ لمْ تُعَانِقْ في هواكَ لسَانِي
أُصَلِّيك أنت، وكلُّ جهتي لك
أيَا مَن تُهتُ فيك بلاَ آذانِ
قالتْ بكلِّ يَقينٍ وعزٍّ:
أُصَلِّيكَ وجْدِي، لا وقتَ يُقيِّدُني
فكلُّ نبضِي سُجُودٌ فيكَ مُحتَرِقُ
طُوفَانُ شَوقِي يمحُو حُدُودَ جِهَتي
فأنتَ آذَانِي، وأنتَ المُطلَقُ
ركَعَاتي أَسْرَارٌ، وسُجُودِي رُؤًى
أنفَاسِي ذِكرٌ، ووجدِي مُعلَّقُ
لاَ تَكبيرةٌ تكفيني، لا مسَافةُ
أنتَ القُربُ، أنتَ الطَّريقُ المُورَّقُ
هامتْ روحي فيك، فانكشفَ الحجَابُ
وهل في العشقِ إلاَّ المُحِبُّ المُغَرَّقُ؟
سمعنَا وأطعنَا… ولكن لا مجيب،
فهل يردُّ الغيمُ نداء الأرض إن بكت؟
وهل يعود الغائبُ حينَ يُناديه قلبٌ أضناه الترقّب؟
أيُّ جنونٍ هذا الذي يُلقي بي فيك،
رغم المسافات التي تسرقك من يدي؟
أُدمنكِ، كأنّكِ نبضٌ لا يغيب،
واكتفِي بكِ،
كأنَّكِ الحياةُ في غياب الحياه….
أيُّ جنونٍ هذَا
يجعلني أذُوبُ فِيك،
وأنتَ بعيدٌ كالنَّجم،
قريبٌ كالحلم؟
أُدمِنُ صوتك من خلف الغياب،
وصمتك يسكنني كأغنيةٍ لا تنتهي،
وفي قلبي نار،
لا تخبُو، لا تنَام، لا تهدأ!
أكتفي بك،
كأنَّك وطنٌ يسكنني،
في ليالٍ مُوحِشَةٍ،
تتدثَّر بالبرد والحنين
وحين يمرُّ طيفك،
أرتجفُ كأنَّ اللّقاءَ حقيقة،
وكأنَّ لمستك تنبتُ على جلدِي وردًا
أنتظرُ حُضورك
كما تنتظرُ طفلةٌ نجمةً
تُعلّقها في السَّماء بأهدابِ عينيها
أنسَى الوقتَ،
أنسَى نفسِي،
فقط لأنَّك حيٌّ في قلبي…
سعادَتي همستْ لي:
اكتُبني، واذكُر اسمِي،
قُلْ للعالم إنَّك أحببتني
دونَ شرط، دونَ توقيت،
ودونَ أن تنجُو من هذا الجنون الجميل…
قلتُ لهَا:
كتَبتُك،
بلاَ قافية، بلاَ حِسابَات
بلا خوفٍ من ضياع أو ندم
إنَّهُ الرَّحيلُ الجميلُ إلى من لا نملكُ
لكن نريدُهُ…
بكلِّ ما فينَا……………………….
إنّكَ العالم كلّه حقًّا بل الوطن
وأنا منك وفيك كلُّ الأملْ……
