حدث في مثل هذا اليوم 25 تموز
علي أبوزيد
الموسوعة العربية
أمين رشيد نخلة (1901 ـــ 1976)، حقوقي شاعر من صحفيي لبنان. ولد في بلدة «مجدل المعوش» التابعة لقضاء «الشوف الشمالي»، التي تتمتع بطبيعة آسرة خلابة، في أسرة لها مكانة سياسية وعلمية متميزة، فأبوه رشيد نخلة كان زعيماً سياسياً وشاعراً وأديباً، كما كان ثائراً تعرض للنفي والسجن عدة مرات.
في هذا الجو الثقافي والسياسي نشأ أمين نخلة، ودرس المرحلة الأولى في مدرسة «الفرير»، ثم تابع المرحلة الثانوية في الكلية البطريركية ببيروت، ثم حصل على الإجازة في الحقوق من بيروت، وعلى إجازة أخرى من حقوق دمشق عام 1930م، وأخذ عن والده كثيراً من العلوم، ووجهه إلى قراءة القرآن وكتب التراث كنهج البلاغة وكتب الجاحظ ودواوين الشعراء، وحضر مجالس أبيه التي كانت تضم نخبة من الأدباء والسياسيين، فسمع منهم وأخذ عنهم فكانوا أساتذته ومعلميه، كالشيخ عبد الله البستاني(ت1930) «الذي كان له دور واضح في تأصيل حب العربية في نفس الشاعر وجعله متمسكاًُ بها وبتراثها ومعتزاً بانتسابه إليها».
عُيّن أمين نخلة مديراً لـ «العرقوب» الشمالي في منطقة الشوف، وأعاد إصدار جريدة «الشعب» عام 1922م التي أسسها أبوه، ثم أُغلقت من جديد، ثم فتح مكتباً للمحاماة، وعمل في السياسة والصحافة، وكان أحد أعضاء الوفد اللبناني الذي طالب الفرنسيين بالاستقلال عام 1945م. اعتزل الناس قبل وفاته بعامين، وتوفي في لبنان في بداية الحرب الأهلية فيه.
نال أمين نخلة جائزة رئيس الجمهورية عن أفضل كتاب عام 1965م، وعُين عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1966م، وكُرّم بعد وفاته، فأقيم له مهرجان تكريمي عام 1997م، كما كرمته جمعية أهل الفكر بلبنان عام 2000م، وأقامت له مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين ندوة تكريمية عام 2002م.
لقي أمين نخلة عدداً من شعراء عصره وأدبائه فكان لهم أثر في تكوينه الثقافي والاجتماعي، من هؤلاء الشاعر أحمد شوقي الذي يُعدّ أباً روحياً له، ويتضح ذلك في رثائه له إذ يقول:
أ (أبا علي) أدمعي وقصائـدي وقْفُ الوفاء على ثراك الأطهرِ
أوليتني الشرفَ الذي لا ينتهي لمحلـه عـزُّ السِّماك الأنـور
تلك الأبوةُ في البيان أصونُهـا ليُقال فيك غداً: وفى ابنُ الخيّر
كما صحب الشاعر حافظ إبراهيم، وفيه يقول:
يا حافظَ الفصحى تنقّلْ أو أقِم بسماء مصرَ لك الخيارُ الأوسعُ
الشمسُ واحدةٌ فريدٌ أوْجُهـا ولها بكلِّ سماءِ أرضٍ مطلـع
ولقي الأديب أمين الريحاني وشكيب أرسلان وخليل مطران وإبراهيم عبد القادر المازني وعباس محمود العقاد وأحمد شاكر الكرمي والشيخ أمين تقي الدين والأخطل الصغير ووديع فلسطين وغيرهم.
تنقل في عدد من البلاد والمدن، فارتحل إلى دمشق، ومصر وبغداد وفلسطين والخليج العربي وتركيا وفرنسا وغيرها.
كان أمين نخلة شاعراً أديباً قاصاً تعددت إبداعاته، فله شعرٌ، ونثرٌ فني، وبحوث في اللغة والتاريخ والقانون، ومشاركة في الترجمة وتحقيق الكتب، إضافة إلى عدد من المقالات.
وقد طُبع ديوان شعره أكثر من طبعة آخرها التي أصدرتها مؤسسة البابطين في الكويت.
كما ترجم قسماً من رباعيات الخيام نثراً، وله كتاب «المفكرة الريفية»، و«تحت قناطر أرسطو»، و«كتاب الملوك»، و«ذات العماد»، و«أوراق مسافر»، و«في الهواء الطلق: التذكارات والنجاوى»، و«الأساتذة في النثر العربي»، و«كتاب المئة»، و«الدقائق»، و«الحركة اللغوية في لبنان»، و«أمثال الإنجيل»، وحقق ديوان أبيه «معنّى رشيد نخلة»، ومذكرات أبيه أيضاً «المنفى»، و«عفو الخاطر» لولي الدين يكن، وغير ذلك.
ومن نثره قوله في كتابه «تحت قناطر أرسطو»: «وفي الأدب لا يُقال قديم ولا يقال جديد، فإنما الأدب كَدّ الحق وولَه بالجمال، تسقط عتمةُ الآباد ألف مرة على الصنيع الفني الذي غمس في ألوان الوله والكد، وهو سالم معافى، لا يأخذ منه الليل حرفاً واحداً، فالجيد جيدٌ على كل عصر، والتافه تافه أبداً».
ومن شعره متغزلاً:
مطلبي مِن هذهِ الدنيا حبيبُ قلبُـه مني على البُعْـدِ قَرِيبُ
هَبّتِ الريـحُ بأشواقي لـه وانحنى الغصنُ وغنّى العندليبُ
أستطيبُ الماءَ ما مـرَّ به ويطيبُ العشبُ والشوكُ يَطيبُ
وإذا حـلَّ مكانـاً خافيـاً دَلّنِي الشوقُ وقادَتْـني الدروبُ