صورٌ من أرق جيل الشباب الذي ولد وترعرع على أصوات المدافع وأزيز الرصاص وبات هو والأرق صنوان، يمد قلبه لينام أرقه خلف جدران القفص الصدري حبيسٌ كما الأماني وكما الأحلام التي يتضمنها الديوان الشعري “أرقٌ نائمٌ في قلبي”، الديوان الأول للشاعر الشاب فؤاد سلوم.
ضمن فعاليات معرض الشارقة للكتاب التقيته يوقع ديوانه الأول، شاعرٌ واعدٌ ذات ال ١٨ سنة، يرسم بالحروف والالوان ويعزف على موسيقا الروح بأمل ووجع وشجن فكان هذا اللقاء العفوي، بكل بساطة وعفوية الأطفال وعنفوان الشباب وانكسار من عاش الحرب بطفولته، المحب الدائم للحرية والتعبير، يعشق الحرية ويكره الالتزام وما يفرض عليه، وكل ما يتحكم به، إنسان يرنو إلى الحرية حر، لا الطائفة ولا الجنسية ولا أي شيء يمكن أن يكبله، متمرد حتى على جذوره هذا هو فؤاد سلوم
بين يدي ديوانك الأول في عمر ال ١٨ سنة، العنوان أكبر من عمرك،
“أرق نائم في قلبي” شاب في عمرك، أي أرق ينام في قلبه،
هو أرق الحياة، ليس أرق غربة، ولا أرق عاشق، بل هو أرق شامل كل دورة الحياة،كل ما يمكن أن نتخيله ليخرج هذه الكلمتين المتناقضتين.
وعن هذا الأرق المعروف أنه يقلقنا من النوم، ولكن أرق فؤاد سلوم هو أرقٌ إنساني شامل،كيف لأرق فؤاد أن ينام في القلب؟
فلسفة وجودية، أرق انساني يتحدث عنه فؤاد رسالة فلسفية تنام على الصفحات، وعن اتجاهه للشعر وما الدافع وراء تلك الكتابة، كانت بداية في جملة واحدة، حين سُئل من شخص ما انا اتوجع أكثر منك ولكن لا أعرف أن اكتب عن وجعي وأكتبه كما تكتبه، كيف أنت تُحسن الكتابة، يقول ايضا، الكتابة ربما تأتي من الوحدة، فتشعر عندها أن الكتابة هي الوسيلة الوحيدة للتعبير، بل وأقوى وسيلة تعبير عن الشخص، الذات والآخر،
وعما يعنيه الشعر بشكل خاص لفؤاد سلوم، يقول، الشعر هو وسيلة التعبير الحرة الوحيدة، يحوى الحرية التي كنت أبحث عنها، انا أرسم واعزف موسيقا ولكن الحرية التي كنت أبحث عنها وجدتها بالشعر، وعن أي نوع من الحرية يبحث وماذا تعني له الحرية يقول، حرية التعبير، حرية المعتقد والفكر وحرية السؤال والاعتراض وأن يكون لي حرية أن اقول لا في حينه، حرية الحرية إن صح التعبير. ولعل الإهداء على الصفحة الأولى خير تعبير عما يخالج قلب هذا الشاعر الغض حيث ينام أرق إنسانية وأمل شباب تحطم قبل أن يولد، هذا الديوان شحنة أمل وشجن ووجع ورؤيا لغد يحمله يهديه لنا.
“الكتّاب يحولون دموعهم دائماً إلى أحرف لتكون مناديلاً لمن سيبكون بعدهم، إن كان هناك من سأهديه كتابي سأهديه لمعاناتي أولاً، ولكل لحظة تأملت فيها الظلم والعدل، الخيبة والنور، ولوطني المتألم “سوريا” إلى أمي وأبي، لانهم بكل عفوية وبدون قصد صنعوا مني معبراً لأختي،وأصدقائي وكل من أحبهم إلى ونيسة الغربة “جهاد” الإمضاء “فؤاد أبولو”
وعن أبولو هو إله الشعر والموسيقا عند الاغريق، وفؤاد سلوم قارئ الأساطير الإغريقية وهناك صفات مشتركة بيني وبينهم وبين بعض الشخصيات نوع من التكامل، وايضا انا أكره ان اكون استنساخ عن آخر، وأسعى نحو التغيير، عناوين رائعة وقصائد، جميلة،
الكلمات لا تأتي عبثاً واختيارها نابع عما يخالج صدر الشاعر ، من شجون ومشاعر وأوجاع وأرق“سجنٌ قضبانه الأضلاع”وبالسؤال عن إلى أي أنواع الثقافة ينتمي يقول: انا لا انتمي للأجيال الالكترونية فأنا من النوع الكلاسيكي، أحب الورق ورائحة الحروف والغناء القديم، كل شيء من التراث القديم، لا احب الاشياء المصطنعة، والسريعة، الحياة وسرعتها تخطف منا الكثير،
“قبرٌ موروث” عنوان لقصيدة نقرأ فيه الكثير من الموات المتوارث والذي يتحمل وزره الشاعر الشاب.
بالسؤال ماذا يعني له الموروث وهل هو مصدر إلهام له؟، بالنسبة لنا نحن بالحاضر لا نستطيع أن نهمل التاريخ، الموروث بالنسبة لي، هو حاضرنا القديم، انا دائما مع تطوير الموروث، لا دفنه،
وعن أجمل قصيدة في ديوانه يقول، الكل بالنسبة لي في بات المستوى تتفاوت قليلا، ولكن قبرٌ موروث هي الأجمل،
يقرأ فؤاد وفي نبرات صوته يصدح الماضي الحاضر، وعشقه للتمرد، يحرق كل ما يقيده، تحترق وتسقط كل الأسوار التي تقيد هذا الطفل الذي يكبر في بلاد النار، يرسل عبر الأثير رسالة رقيقة، تنام في حروفه حلم أن تتكشف الحقيقة والإصرار على الغناء قبل أن تلتهم العصور الدموية والقمع والنطع رؤيا تستشهد على سطوره البيضاء،
محمد الماغوط أدونيس نزار قباني، محمود درويش من الأسماء التي تأثر بها ويقرأها دائما، انتهى اللقاء والأمل بغد أفضل قلمٌ واعدٌ، وريشة حالمة ترسم الأيام بألوان رمادية في وجوهٌ أحبها، صدحت موسيقا تُخلد ما لم تقله الريح للقصب.
بريشة الشاعر فؤاد سلوم