من يقرأ عن سيرة العلاقة بين عملاق الأدب العالمي تولستوي وزوجتهُ صوفيا سيكتشف أن في السنوات الأخيرة كانت الغيرة هي واحدة من أهم الأسباب ألتي افسدت حياة الزوجين ! غير أنهم لم تكن من النساء بل من صديقه المقرب 《 تشيرتكوف》 والذي كانت تراه معبود تولستوي ومنافسها الأخطر على قلبه خصوصا ان تولستوي قد أوكل مصير إرثه الأدبي اليه وخصوصاً اليوميات والمذكرات .
《 الزواج من العبقري لا يتطلب الكثير من العقل, بل الكثير من الحب 》هكذا كتبت صوفيا عن زواجها من تولستوي إلّا أنّ في سنواتها الأخيرة ظلت تحسُّ في أعماقها بأن كل ذلك الحب وتلك التضحيات لم تشفع لها عند الزوج. فقد كان يسلم نفسه بالكامل لشؤون الكتابة من جهة ولدعوته الاجتماعية والإصلاحية من جهة أخرى. ولم تستطع الزوجة المثقلة بالوحشة، والتي لاحقها على امتداد حياتها هاجس الانتحار، أن تجد تفسيرًا مقنعا لما رأت فيه نوعا من السلوك الفصامي لذلك الذي يطعم مئات الجياع، فيما هو يُهمل أبناءه تمامًا.
ان من يقرأ يوميات صوفيا سوف يكتشف مدى حجم الخلافات والتذمر و سيجدُ فيها عبارات وتساؤلات مريرة من مثل: 《 كيف يفهم تولستوي الجانب السيكولوجي من حياة البشر ولا يفهم زوجته وأولاده؟ 》 أو مثل: 《 إنّه يكتب سيرته ،كقدّيس، ولن يعرف أحد ما فعله بعائلته》 بل إنها لا تتحرّج في لحظات غضبها وسخطها العارمين من الطعن في مصداقيته الأخلاقية والأدبية على حدّ سواء، فهو 《لا ينفك يدعو أتباعه إلى الفضيلة والترفع عن الشهوات، فيما رواياته تدعو إلى الجنس والرذيلة وتعاني من الحموضة الزائفة》
لم توسع صوفيا المعركة بينها وبين زوجها الأديب تولستوي فهي قد كانت تشعر داخل قرارها أن المعركة قد حُسمت لصالح تولستوي, لما يتمتع به من سلطة ومكانة أدبية ممكن أن تجعل منه سقراط وتجعل منها كزنتيب وأكتفت بدعاء على الصبر وتحمل الألم 《 يا إلهي ساعدني, على تحمل هذا الألم, إذ لا ينفك تولستوي يقدم نفسه للأجيال القادمة بصفته شهيد, وبصفتي امرأته الخاطئة 》