إخلاص فرنسيس
العبور إلى الإنسان
كل عام وأنتم بألف خير، العدد الخامس ما هو إلا شاهد حي على مسيرة ثقافية إبداعية
مضى على ولادتها سنة كاملة، حيث بدأت مع وليمة حبر وها نحن اليوم نعبر إلى الانسان، سعياً إلى تحقيق عالم نحلم به، عالم فيه نُعمل الإرادة، إرادة التغلب على القبح بأداة الجمال، ردم الهوة التي حفرتها الحروب بين أواصر الانسان في مختلف الوطن العربي، تنتهي الحروب حين يبدأ الانسان باستخدام القلم بدل البندقية والحرف بدل الرصاصة، وحين يطرب لقطعة موسيقية شعرية بدل الطرب بصوت المدفع، إلى كل من أشعل شمعة في هذا العالم، أنتم النجوم التي بها يكتمل جمال المساء والسماء، كل عام ونحن بألف خير
ولادة المجلة ولادة ضوء في عالم مظلم، وليمة حبر وحرف، مائدة جمال وإبداع، كأس من الحبّ وكوثر الكلمات، وجوه تترى، ومقالات تُكتب، وأقلام تعانق الصفحات، ذكريات تدوّن، وقصائد تُقرأ، دهشة، صورٌ، ولقاءات، وجوه عرفناها وعرفتنا من ترقرق الحبر، أرواح ضمّتها أرواحنا من خلف الزجاج البارد.
عالم يباب ليس فيه ما يطرب إلّا صرير قلم يطرد الألم والوحشة، يحكي قصة كلّ واحد منّا، يزرع في ذاكرة الفضاء وردة لأجيال قادمة، رواها من شغاف القلب. لحظات مخاض نتقاسم فيها دارة الأدب الرحب إلى أن نرقد على رجاء الكلمة الحرّة، فالكاتب هو أتون الخلق، يحترق ليتبلور قلمه، يقطر حبرًا من عينيه فيورق جرحه
“بدون إحساس لن نحظى بأيّ شيء، بدون فهم لا يمكن التفكير في أيّ شيء. الخواطر بدون محتوى تكون فارغة، الحدس بدون مفاهيم يكون أعمى” كانط
إن كانت الطبيعة بفصولها هي إلهة التجديد فالكتابة هي لحظة الخلق، تأتي تلك اللحظة تذكّرنا ليس فقط بأنّنا موجودون، بل إنّنا خلقنا من جديد، معًا صنعنا مستقبلًا مشتركًا على مدى عام، خضنا معركة تلو أخرى، في حرب ضروس ما بين لذة الكتابة وألمها، بين جمع الموادّ والتواصل، رغبة في تزيين هذا الهواء بقطرة فرح، في زمن التفكّك الأخلاقي، والحقّ المنتزع، ومحدودية البصر نحو بصيرة أشمل، وأبعد من المأساة الإنسانية التي نعيشها. ما زلنا هنا، وعلينا أن نبني، ننتزع الجمال من براثن أعداء الحياة، من نحن، كُتّاب مجلة غرفة ١٩، نحن أبناء الثوب الواحد، أبناء القلم وأرض الحبّ ونزف الأعماق، نحن من أخذنا على عاتقنا أن نكسر كلّ نمطية في المظهر العام وعن سبق إصرار وترصّد، نبتكر عالمًا نصاحب الإنسان فينا أولًا والآخر ثانيًا، نتجرّد من العوالق الفانية متمسّكين بالتعبير الأرقى عن معنى الأسمى في دواخلنا ، نصقل الفكرة في حفلة فصلية، نتلو فيها سطورًا من أناشيد الحبر الحرّ، مضرّجة بالياسمين وبخور الأرز، مع كلّ شخطة قلم، ندوّن زمنًا يقف فيه الوقت عند حدود الشمس، مبحرين في الرمز، مذكّرات حيّة، تتحرّك فينا، نحرّر النفس من مشنقة التصنيفات والموروثات، فالإنسان هو جوهر الوجود وأصله، إلى أن يتعرّف أنّ أصل الوجود داخله نكون نحن العازف المنفرد على وتر الحياة في علاقة فريدة بيننا وبين الروح الأعلى
مجلة غرفة 19 تسعى إلى الدرجات العلى من الفنّ الذي هو أعظم فرح للإنسان
في سعينا إلى تحقيق عالم نحلم به، عالم فيه نُعمل الإرادة، إرادة التغلب على القبح بأداة الجمال، ردم الهوة التي حفرتها الحروب بين أواصر الانسان في مختلف الوطن العربي، تنتهي الحروب حين يبدأ الانسان بإعمال الفكر والإرادة، الإرادة وهي المرادف للحرية، وهي الأسس التي تشكل فيها الانسان، أن نريد أي أن نثبت اننا لسنا إنسان مبرمج، وأن لنا حرية الاختيار، المعرفة الركيزة الثالثة ليكتمل فينا رؤيتنا للكون فينا
دون معرفة لا نستطيع أن نعرف أنفسنا، إذن المعرفة تبدأ من الذات، لنبحث عن أنفسنا لنجدها، وعندما نجد من نحن نستطيع أن نجد الاخر، بالتأكيد هناك من يعتقد إني أهلوس، ولكن هذا التصور للعالم الذي أريده هو بالحق ما اراه نصب عيني، عالم فيه الزمكان يبدأ عندما نخلع عليه واقعنا المتخيل الذي نريده، الفن والأدب هي الأدوات التي بها يُشكل ذلك الانسان، اليوم ومع إطلاق العدد الخامس من مجلة غرفة ١٩، استكشف في كل عدد أن هناك قيمة جوهرية يبحث عنها الكاتب، ففي كل ما يصل المجلة من مواد فيها يكون الهم الإنساني الموضوع الأول فيها، يفحص الكاتب قلمه وحرفه، ريشته وألوانه، ليأتي بمادة تليق بمستقبل نتسابق معا كي نصله، من خلال هذه النافذة الضيقة التي فُتحت لنا في عالم