د. حسن مدن لصحيفة الخليج
حين أفشل في الحصول على نسخة ورقية من كتاب أذهب إلى الإلكترونية، لكني في الغالب لا أقرأه على شاشة الحاسوب أو الموبايل، وإنما آخذه إلى محل قرطاسيات قريب، يطبعه على الورق، ويغلفه بورق مقوى، وأقرأه كأنه كتاب ورقي، أعلّم على السطور أو الفقرات التي تهمني بالقلم توخياً لسهولة العودة إليها. لست الوحيد من يفعل ذلك. هذا شأن الكثيرين من المخضرمين ممن تصعب عليهم مغادرة عاداتهم القديمة في القراءة
هناك قطاع من الناس من الأعمار المختلفة، يفضلون الكتاب الإلكتروني الذي يحوّل حواسيبهم إلى مكتبة يحملونها إلى المقهى والقطار والطائرة، متخففين من عبء الورقي، ويجدون في ذلك حلاً مريحاً وفّرته التكنولوجيا، حُرمت منه الأجيال السابقة، كما سبق لهذه التكنولوجيا أن وفّرت الانتقال من الكتابة بالقلم على الورقة، إلى الكتابة على الحواسيب وحتى على الهواتف النقالة، حتى كدنا ننسى أن هناك أوراقاً وكراسات يكاد حبر الكتابة أن يطمس بياض لونها
المسألة لا تتوقف على الأعمار. لا يكفي القول إن المخضرمين يفضلون الكتاب الورقي والشبان يفضلون الإلكتروني. راقبوا ممرات معارض الكتب، ولاحظوا حجم الكتلة الشابة من الروّاد الذين يتدافع أفرادها لاقتناء الكتب الورقية. ظاهرة لا تقتصر على معارض الكتب بطقوسها وأجواءها الاحتفالية، إنما تشمل محلات بيع الكتب على أنواعها
على صلة بهذا نقرأ تقريراً موجزاً عن محل بيع للكتب في مدينة الرباط المغربية، نشره موقع «دي. دبليو». المحل «يشبه شقة صغيرة وارتفاعه يصل إلى ثلاثة أمتار مليء عن آخره بالكتب، على الأرض وعلى الجدران وفي وسط المحل». «كُتب وكُتب وكُتب على مرمى العين. وعلى اليمين واليسار من مدخل المحل تتراكم في شكل برجين لا تدع المجال إلا لشخص واحد من أجل المرور إلى الداخل»
يصف التقرير المحل بأنه «مملكة» بائع الكتب إبراهيم الذي يعمل هناك منذ أكثر من 30 عاماً، ويعرف جميع الكتب التي يعرضها، وغالبية عناوينها ومؤلفيها، وأين يوجد الكتاب المنشود، وكل هذا بدون إنترنت ولا حاسوب، ولا يبدو قلقاً على مصير معروضه من الكتب الورقية، فهي ستبقى مطلوبة
إلى المحل لا يأتي المخضرمون وحدهم. يأتي الشباب أيضاً يقتنون كتب سارتر وبالزاك ومحمد شكري وقواميس، وروايات ألمانية وفرنسية وكتب أطفال، ناهيك عن كتب التاريخ والدين، حتى أن كاتب التقرير استوقفه دخول مجموعة من تلميذات مدرسة ثانوية، لتسأل إحداهن صاحب المحل: «السلام عليكم، هل لديك كتاب الطاعون لألبير كامو؟»
غرفة 19
- إنسـان فيتـروفيـوس- للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1487
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم