لم يكن المساء متحضّرًا لمؤامرتي..
ظنّني سألتقي السمّار بعد عاصفة أمسي.. أخبرته برغبتي بارتداء وحدتي والنوم مبكّرًا..
كانت حجّتي المهذبة لكي أجعله يلملم نجومه الوهّاجة تحت خماره الأسود ويغادر..
حالما غاب، تزيّنت بابتسامة خبيثة، وتعطّرت بعطر الغواية، و أشرت خلسة إلى ضيوفي..
دخلوا بجلبة أيقظت سكون الرقاد في العيون..
وبدأوا ثرثراتهم..
علت أصواتهم تناقش إشكالية غبائي و دهائي !
كما ناقشوا جدلية ضحكتي وبكائي!
اقتتلوا على المقارنة بين شكلي وعقلي !
أعياهم التمييز بين سخريتي و جدّيتي!
وانقسموا بين مؤيّد ومعارض على فوضوّيتي وعفويّتي!
أسعدني جدًّا أنني كنت محور حديثهم طوال ذلك المساء الذي عانق الفجر بحكم الوقت..
كان علي أن أنهي تلك السهرة، فلقد تعبت رغم أني لم أنبس ببنت شفة!
وبلباقتي المعهودة طلبت من ضيوفي أن يتبعوني..
وقفت أمام المرآة أودعهم فردًا فردًا ..ثم جعلتهم جميعًا يستقلّون جفون عيوني ..وابتعدوا من خلف ضحكتي الواهية.. ابتلعتهم عتمة نفسي..
وهناك.. في الدور العلوي.. توارت بعض تساؤلاتهم المثارة بعد أن تقنّع عقلي بصفرة حيرتي التي ابتسمت مستسلمة لسكينة عدم الانحياز ..