يُعدُّ المسلسل المصري «صلة رحم» واحداً من الأعمال المميزة والفارقة التي عرضت خلال شهر رمضان، الذي انتهى نهاية فاجعة وغير متوقعة تماماً بالنسبة للمشاهدين، الذين تابعوا بشغف رحلة طبيب التخدير (حسام) سعياً وراء تحقيق حلمه بالحصول على طفل من زوجته ليلى، التي فقدت جنينها وتم استئصال رحمها بعد الحادث الفاجع الذي كان هو المتسبب غير المباشر فيه.
حالة (ليلى) قد تتعرض لها الكثير من النساء، والتي تشكل مأزقاً حقيقياً يترك أثراً أو جرحاً ليس بالإمكان تجاوزه ببساطة، إلا بالرضا بالقضاء والقدر، أو بتبني طفل، أو بالدخول في مشروعات خيرية لخدمة الأطفال، وهذا ما اختارته زوجة الطبيب، لكن الذي عقد الأمور هو إصرار الزوج على ضرورة أن يكون لليلى طفل بأي شكل، وقد قاده إصراره هذا على الدخول في مغامرة شائكة، وذلك بتأجير امرأة لتكون رحماً حاضناً لبويضات زوجته.
القضية التي يتعرض لها المسلسل حساسة وشائكة؛ كونها تشتبك وبقوة مع المحظور الديني والقانوني والأخلاقي والاجتماعي و…، فتأجير الأرحام مسألة محرمة ديناً وقانوناً، إلا أن المسلسل يطرقها من زاوية معينة، ويناقشها بشكل إنساني دون السقوط في المباشرة أو الوعظ.
موت حسام في نهاية المسلسل هو من أكثر النهايات منطقية، فهو ليس مجرد مخرج أو حل متسرع لإنهاء العمل؛ لأن العمل متماسك ومصنوع بحرفية بعيداً عن الحشو والتمطيط الفارغ، ودون ادعاء بأن الدراما أو صنّاعها يملكون الحلول السحرية للتغيير، لا تغيير الواقع ولا تغيير الثوابت، وخاصة تلك المتماسة بشدة مع الدين، لكنهم يملكون الحق في مناقشة هذه الثوابت وموقف الإنسان منها ومن أفكار كبرى، كالقضاء والقدر والرضا، وهي قناعات لا بد من مناقشتها بكثير من الحكمة والوضوح.
موت حسام تعبير عن موت الحالم بما هو غير مسموح له، وبما يتجاوز قدرته على الفهم والإيمان بمعادلة القضاء والقدر والرضا بها، لقد تحقق حلم الطبيب وولد الطفل، لكن الحالم مات في اللحظة نفسها، فماذا لو بقي على قيد الحياة؟
يقول أحد حكماء الصين إن هناك أحلاماً من الأفضل أن لا نسعى لتحقيقها، وأن تبقى أحلاماً، فذلك أفضل للجميع.