افتتاحية العدد
نجمة الغياب
بقلم رئيسة التحرير إخلاص فرنسيس
تقول موجة لموجة: للمرّة الألف أسألك أن تعودي، أو خذي بيدي إلى حقول النورس نسافر إلى عالم الحلم، للمرّة الألف أقول لك تعالي إلى بلاد الشوق والشوك، حيث الوعود التي تقفز من سلال الأمل، والأحلام التي تجرجر أقدامها الحزينة. تعالي، خذي يديّ نتحدَّث عن الذكاء الاصطناعي، وعن المناديل التي تودُّ نسيان رائحة الدمع، للمرَّة الألف هاتي يديك لنخرج من الوحل الذي يتدفّق من رئة الجهات واللحم المتطاير على قارعة الشواطئ، ونعيد بناء أيقونات العشق وقصص الأطفال التي مسحتها الاشتعال. تعالي نرتفع مع ضجيج البحر، ونغرس في الريح ذاكرتنا، نرفع السواري وهديل الوقت، علَّنا نلتقي على الضفّة الأخرى، فوق سرير العشق الأزرق قبل أن نُنسى. هناك مَن يعبر في الأثير، يخترق النصّ، يتكور في كفِّ الحكاية مفردة تتجلّى في الطريق الممتدِّ صوب الغابة، يتبع أثر الأقدام قبل أن تبتلعها الرمال المتحرّكة. اثنان يسيران على الشاطئ الممتدّ نحو الجنوب، كلّ وحده يمسك يدها، وهي تمسك يد الموج، هو يخبرها عن سعر الذهب في السوق السوداء والدولار وأسعار البيوت، وهي ترسم دوائر من أنفاس الشوق والعشق والأحلام المتراصّة في داخلها، يحكي وتصغي إلى خرير الموج، وصوت فريد الأطرش، ودقّات قلبها المتسارعة. هو يبتسم للفكرة حيث يضاعف ثروتها، وهي تنأى بعينيها صوب البعيد، تسرح بصيرتها في أقواس السحاب تنتظر المطر يدغدغ وجنتيها، ويتثاءب الغروب في عينيها طفلة تهذي في الغياب. يقبض على أصابعها، تنفلت روحها، تنشد الرحيل، وعينان للنظر في محار عين ذلك الغريب. بروق ورعود ورياح تمسح أثر الموج والزبد، المساء يذوب في جدائلها، ويبتسم الزهر على ثغرها، ويردّد الوادي موسيقا ضحكتها المعلقة في أعالي أغصان الصنوبر تشرب الندى، وتغرق في حلم المطر يتدرج في رؤاها.
وفي سبيل أن تلمس الوجود غير الملموس، وفي قرارة نفسها تدّعي السعادة، ليس أقسى على النفس من الوحدة، وعند انصياعها للإصغاء للذات، يجتاحها ذلك الشعور بالاحتياج العميق…تقبض على يد الموج علّها تنتشلها من بين فكّي الزمن، بين ضلوعها تطوي الألم ، تطأ الرمل امرأة خرجت من أمزجة النسيان، امتشقت الحرف، كتبت بيد الزمان تستودع ما يغلي في نفسها، الموج الذي لا يموت يعيد ذكرى الماضي، يردّد آهات الأرواح حيث أشباح من مرّوا قبلها، تلتفّ بأكاليل الغار والياسمين، وأنفاس الخلود ، تتدفّق إثر النورس.
من أين تأتي أيها الموج، وإلى أين نذهب، جئتك لتقرأ عليّ مزاميرك أيها المحيط، تعب الجسد والروح والفكر، جئتك لتكون بلسماً أغسل في موجك جراحي، وأرطّب شفتي المشقّقة برضاب شفتيك ، لأبعث من ملحك، وتلبد الغيوم، وتفرّد الحكاية.
أمواج القلب تجتاح الأرض اليباب، فتولد نجمة الغياب، وتبدأ القصيدة.
الاستاذة الأديبة والشاعرة والكاتبة المتألقة
بوركت جهودكم في خدمة الثقافة والتراث
تحياتي واحترامي وباقات الورد والياسمين
تحياتي لكم والشكر
تحياتي لمروركم والشكر أ. علي محمد العبيدي
دمتم ودام عطاؤكم ورقيكم أحبتي الطيبين
تحياتي لكم والتقدير