نصٌّ مؤرَّخٌ يُثبتُ أن الرومان لم يَبنوا هياكِلَ بعلبك ولم يمولوها – (مقتطفات من كتاب بعلبك الفينيقية)
إنتهى بناءُ البَهوُ المعمَّدِ لقدس هيكل بعل، وأُرسلَ عمّالٌ لتسويةُ الأعمدة. وحفر أحدُهم، على رأسُ عمود، نصاًّ يبدأ هكذا
لحسن الحظّ! سنة 371، في اليوم الثاني من شهر لاووس (آب 60 ب.م.) نزع الخاتوشو اللَّحى
بعد قرون عدة، سقطَ الذي يَحملُ هذه الكتابة، وتحطّم. ووقعتُ القطعةُ التي تحملُ الكتابة، وجزءٌ من خاتمِ تاج العمود، في ساحة الذبائح لهيكل بعل. هنالك وجدها علماءُ الآثارِ قبل الحرب العالمّية الثانية. وسمح لهم خاتمها وقطر دائرتها بأن يعرفوا مصدرها
وقد تدلّ الجملةُ المنحونة على طقسٌ دينيّ، لكنّه مجهول
أمّا التاريخ الذي تَحمُله، فيدُلُّ على ان البهوَ المعَّمد كان قد أنجًز سنة 60 ب.م. (اي على عهد نيرون). ذلك أن الحجارة في بعلبك كانت تنحت وتصقل من الأعلى الى الأسفَل، بعد انتهاء البناء فقط
في هذه الحال، يجبُ أن يكون بناء قُدس هيكل بعل قد بدأ، على الأكثر، سنة 20 قبل المسيح
هذا الاكتشاف قَلبَ المعطيات الأركيولوجيّةإذ برهنَ أنه من الخطأ نسبةُ هذا البناء للأمبراطور أنطونيوس التّقي
وبَرهن أيضاً ان الأباطرة الرومان لم يشيُّدوا قدس معبد بعلبك الكبير (المسمّى خطأً “هيكل جويير”)، ولم يمولوه. فلو كانت للأباطرة يدٌ ما في تشييد مشروع بعلبك او تمويله، لكانوا أعاروه اهتمامهم قبل ان تشتهر هياكله ومسرحه، وليس بعد ذلك. ولكانوا بخاصة، ذكروا ذلك في العديد من النصوص المخطوطة او المنقوشة (نظراً لكلفة هذا المشروع الباهظة، وللقرون التي استلزمها بناؤه)
ذلك ان الأباطرة الرومان لم يهتموا ببعلبك قبل القرن الثاني ب.م. وأحدهم، سيتيموس ساويروس، أعطى بعلبك الـ jus italicus اي وضع المدينة «الرُّومانية»، الذي يجعل من سّكانها مواطنين رومان. كانت هذه وسيلة صالحة كسواها، لتزويد روما أيضاً بكنوز هي، في الواقع، ملك المستعمرات، ومن المستحيل نقلها
وسيلةٌ أُخرى كانت الإتيان بمعمارييّن فينيقييّن ليَبنوا، في روما، مُنجزات بعظمةِ مُنجزات المشرق. هذا ما قام به الأمبراطور تراجان، الذي يُعتبر أكبر بناءٍ بين الأباطرة الرومان. إتخذ أيولودوروس الدّمشقي مهندساً معمارّياً، فاصبح هذا الفينيقي «أبا الهندسة المعمارية الرومانية»، كما يدعوه المؤرخون
العابدون إذن هم الذين أمّنوا تمويلَ مشروع بعلبكّ. عاصمةٌ دينيةٌ مقصودةٌ دوليًّا تتلقى الكثير من المال خلال ثلاثة قرونٍ ونصف من قِبَل مؤمنيها، بعضهم أغنياء جدًّا