
كُنتُ أَتَلَمَّسُ وَجْهَ النُّورِ فِي الظِّلَالِ،
أُتَرْجِمُ الصَّمْتَ فِي أَحْشَاءِ الغَيَاهِبِ،
وَأَنْسُجُ مِنْ هَوَامِشِ العَتَمَةِ
رِجْفَةَ انْتِظَارٍ لَا يَهْدَأُ.
فَإِذَا ظُلْمَةُ النُّورِ تَصْحُو،
تَتَفَتَّقُ مِثْلَ جُرْحٍ قَدِيمٍ
نَسِيَ الزَّمَانُ كَيْفَ يَلْتَئِمُ،
تَسْتَقِيمُ فِي الأُفُقِ
كَـوَهْمٍ يَتَعَثَّرُ فِي ضَوْءِ الفَجْرِ،
وَتَتَنَفَّسُ…
عَلَى أَنْفَاسِ شَوْقٍ مُدْقِعٍ
يَتَدَلَّى مِنْ حَوَافِّ القَلْبِ.
وَفِي كُلِّ زَفْرَةٍ
يَتَفَجَّرُ الحَنِينُ مِنْ أَعْمَاقِي،
أَحْمِلُهُ فِي صَدْرِي
كَمِصْبَاحٍ مَكْسُورٍ،
يُضِيءُ لَا مِنْ قُوَّةِ النُّورِ،
بَلْ مِمَّا تَبَقَّى
مِنْ صَبْرِ الزُّجَاجِ.
أُصْغِي لِنَبْضِي،
وَهُوَ يَسْتَجْدِي ضِيَاءً
لَا يَجِيءُ.
وَمَعَ أَوَّلِ تَصَدُّعٍ
فِي جِدَارِ الصَّمْتِ،
تَلُوحُ نَجْمَةٌ بَعِيدَةٌ،
كَأَنَّهَا انْسَلَّتْ
خِلْسَةً
مِنْ عِبَاءَةِ الظَّلَامِ.
لَا تَعِدْنِي بِصَبَاحٍ،
وَلَا تَرْسُمُ دَرْبًا لِلنَّجَاةِ،
وَلَكِنَّهَا تَرْفَعُ يَدًا وَاهِنَةً،
وَتُلَوِّحُ…
كَـمَنْ يَقُولُ،
بِهَمْسِ ضَوْءٍ لَا يُقَالُ:
“مَا زِلْتِ هُنَا…
وَلَمْ تَنْتَهِي بَعْدُ.”