لم يعد بإمكاني التّمييز في أيّ زمنٍ أعيش. دومًا عليّ أن أتابع رزنامة التّقويم؛ حتّى أعرف تاريخ أيّامي. فقدّت هويّتي، تلك البطاقة الّتي تظهرني بهيئة مثيرة للرّيبة؛ حتّى أنّني بتّ كلّما رأيتني موشومة عليها، أحاول اعتصار ذاكرتي؛ فلعلّني كنت مطلوبةً يومًا في قضيّةٍ أو جنحة.أحرجني الموظّف حينما سألني عن تاريخ إصدارها قبل أن يكشف ذلك من ملّفي الّذي تحتفظ فيه دائرة الأحوال المدنيّة. شعرت بابتهاج حينما علمت أنّ لي ملفًّا؛ يبدو أنّني مواطنة ذات شأن؛ أنا الّتي لم تزرني قطّة يومًا لشحّ زادي؛ فأنا إن حظيت بإفطار يومي، لا أجد طعام عشائي.سألني عن تاريخ فقدان هويّتي؛ تبًّا لغلاظته، كيف لي أن أعود بذاكرتي للخلف.لا أعرف بالتّحديد يا سيّدي، ربّما فقدّتها في العام الماضي أو قبل عامين أو ربّما عشرة، أنا أربط مذّكرتي بحدث عظيم، فمنذ ذلك اليوم الّذي اقترفت فيه والدتي جريمة تواجدي على الأرض، وكل شيء يمرّ عليّ برتابة؛ الأيّام كذلك تشابهت، لونها رماديّ أو ربّما أسود؛ كيف لي يا سيّدي أن أستطيع تمييز اليوم من البارحة، من عشر سنوات أو عشرين عامًا؛ فحينما أصبحت الأرض مقبرةً للأحياء، وانفجر باطنها ورمى بتلك الكائنات الغريبة ذات النّواجذ البارعة في امتصاص حليب الأطفال؛ وأنا فاقدة لذاكرة الزّمن.تلّقفت هويّتي؛ حاولت حفظ تاريخ الانتهاء